يتبع اليمن في عهد الامام أحمد وحركة المقدم احمد الثلاياء 1955
وبعدها رجع الوالد إلى معتقله في تعز في قصر صالة وبقيت سنه تقريباً أراجع على حميد حتى استخرجنا أمرًا من الإمام إلى المسئولين في حجة بأن يرخصوا له لمدة ثلاثة أشهر ليتزوج ، وسافرت من تعز إلى حجة وكان حميد حينها محبوسًا في حصن مسور ولم نلتق مع حميد إلا في الأشمور عند أخوالي، وتوجهنا قبل عيد الأضحى بأسبوع إلى الخمري وفعلاً تزوج حميد في العيد ولم نلبث سوى شهرين أو ثلاثة أشهر وإذا بالأمر من الإمام إلى نائب حوث محمد ساري لإلزام حميد ليعود إلى سجنه فجاءوا لحميد وأنا كنت أحصد الدخن والذرة في البطنة فذهبت لأودعه وإذا به يقول لي : لقد قررت أن لا أعود إلى حجة وأرى أن تعز أفضل فما رأيك؟ قلت : توكل على الله ..
وصل حميد إلى تعز ، وقد أصبح شخصية أخرى حيث كان قد استفاد في سجن حجة من العلماء والأساتذة والمفكرين (عشرة علماء وأساتذة أو أكثر كانوا في سجن حجة ومعهم طالب واحد) الذين أعطوه كل ما معهم فما خرج من حجة إلا وقد أصبح مفكراً وأديباً وسياسياً ثائر وقد أصبحت طموحاته كبيرة وتفكيره في شيء أكبر.
وأول ما قابله الإمام رحب به وبدلاً من أن يذهب به إلى السجن استبقاه في القصر بالعرضي في المقام الذي يجلس فيه أولاد الإمام والأمراء من بيت حميد الدين ، وكان يحضر جلسات المقيل مع الإمام التي كان يحضرها العلماء والأمراء في العرضي أو في صالة فمكنه ذلك من الالتقاء بالمشائخ الكبار من جميع أنحاء اليمن وبالمفكرين والعلماء والأساتذة.
حركة الثلاياء 1955
وكان القاضي عبد الرحمن الإرياني يقوم بدور الزعيم الروحي ، كما بدأ حميد يبني علاقات مع العلماء ومع الأمراء من بيت حميد الدين وحاول الارتباط أكثر بالبدر حيث كانت قضية ولاية العهد موجودة وتبناها حميد مع القائمين بهذا الدور ، استمر حميد منذ أن وصل تعز مع الإمام أحمد الذي بدأ يقربه منه حتى أنه عندما طلع صنعاء لاستقبال الملك سعود سنة 1954م أخذه معه وأسكنه عنده في بستان الخير، وعندما عاد تعز عاد حميد معه وبعدها سافر الإمام إلى جده وأخذه معه وعندما قامت حركة الثلايا في 1955م كان حميداً موجوداً مع الإمام وكان مناصراً له في إحباط انقلاب الثلايا؛ لأن تلك الحركة لم تكن معروفة للناس ولم يخطط لها ولم تكن معروفة أهدافها ، فكان من الطبيعي أن يقف حميد ضدها ، كما وقف ضدها القاضي عبد الرحمن الإرياني والأستاذ أحمد محمد نعمان الذي تحرك من محافظة الحديدة إلى محافظة حجة مع البدر وخطب خطبة في الناس مطالباً بالوقوف ضد الذين قاموا بالانقلاب.
أما الوالد فقد ظل خلال هذه الفترة تارة في الإقامة الجبرية وتارة يرخص له الإمام بالخروج وعندما قامت حركة الثلايا كان الوالد في البلاد ، وبعدها بفترة طلبوا الوالد فنزلت أنا تعز بدلاً عنه وحميد كان هناك أيضاً ، وسافر حميد البلاد وأنا موجود في المقام وعاد وأنا موجود ، وكانت العلاقة بين الوالد والإمام قد تحسنت من خلال حميد .
أما بالنسبة لي فقد كانت نظرة الإمام نحوي جيدة من خلال بقائي تلك المدة الطويلة وأنا أراجع لدى الإمام وأدخل عليه من أجل الوالد ، وكذلك عندما بقيت بدلاً عنه ما كان يسمع عني شيئاً يسوءه منه ، المهم أن علاقة حميد توطدت مع الإمام وأولاده وبالذات ولي العهد البدر الذي أصبحت ثقته بحميد كبيرة ، لأنه كما قلنا قام بدور كبير في أخذ البيعة لولي العهد، تلك البيعة التي ظلت تتفاعل على مدى سنين ، وبعدها ارتبط حميد بالبدر وكان البدر يظهر لحميد كل احترام وتقدير.